bits and pieces من هون وهونيك

“death reunites.”

Sunday, February 15, 2009

لأنّهم الجنوبيون..




إسمها "الشّتلة المرّة"..

وبالرّغم من شدّة مرارتها، تبقى شتلة الدُّخّان مصدر عيش الكثير من العائلات اللبنانية، ولا سيما الجنوبيّون.


لماذا زراعة التَّبغ.؟ ليس هذا هو السّؤال، بل السّؤال هو لماذا زراعة التَّبغ "في الجنوب"؟!


لأنّهم الجنوبيون..


يزرعون التَّبغ، ويَكْدحون..

لأنّها شتلة المرارة والكَبت والذُّل.. "اللقمة المغمّسة بالدّم والدّموع"..

لأنها شتلة البقاء والمقاومة.. لأنها الشّتلة الوفيّة، الشّتلة التي "كَبَّرَتْ"، وعَلَّمَتْ.. ورَبَطَتْ النّاس بالأرض..


أمّا أنا..؟! أنا أيضًا جنوبية..!!

لَمْ اولَدْ في جوار شتلة الدُّخّان.. لم أستيقظ يومًا في الخامسة فجرًا لأزرعَ وأغْرُسَ وأقطُفَ وأشكَّ..

لَمْ أنتظر بفارغ الصَّبر أميرًا يأتي على حصانِهِ الأبيض، ليخلّصني من مرارة البلوغ المبكر ومرارة الأكل ومرارة العيش.. ومرارةَ أحلامٍ تنسجُها خيوطُ الفجرِ الاولى لتحوّلها إلى كابوسٍ بطعم التَّبغ.


ولكنّ أبي زرع الدّخّان في صغره.. وكذلك عمّتي وجدّي وجدّتي.. وأبناء ضيعتي.. كما أبناء الجنوب.


قصص التَّبغ كثيرة، عَبَقت رائحَتُها في ملابس الأطفال.. حُفِرَت آثارُها على أجساد النّسَاء.. ورَسَمَتْ قَسَمَات وجوه الرّجال عُمْرًا من التّعب والشّقاء.


كانت، وما زالت هذه الزّراعة إحدى أهم مصادر الرّزق لأبناء الجنوب.. هي إذًا شتلة الصّمود التي اخترقت حصَار الإحتلال وبقيَتْ وَحدَها ثابتةً في مواجهة الموت، بعد أن سقط مُزارعوها شهداءَ الأرض.



---


* الصورة بكاميرا مختار حاسبيني، عدشيت النبطية 

No comments:

Post a Comment